الدكتور حسن ناظم أستاذ كرسي اليونسكو في ندوةٍ عن الحوار في بيروت 22-12-2018

الحوار بمفهومه الجديد يجب أن يكون من مسؤولية الدولة

شارك مدير كرسي اليونسكو للحوار بجامعة الكوفة الدكتور حسن ناظم في الندوة الأسبوعية التي يقيمها المركز العربي للحوار والدراسات، وناقش فيها الشؤون التي تتشابه بين لبنان والعراق وكلّ الساحات العربية والإسلامية، حيث تعيش الأمة العربية الأزمات ذاتها.

وقد تطرق الدكتور حسن ناظم في حديثه إلى البعد الفكري لمسائل الحوار، عارضًا تقييم عام لتلك المسائل في منطقة الشرق الأوسط وتحديدًا في العراق.

قائلًا: “يبدو لي أن الثقافة العربية لا تواكب ما يحدث في مسائل الحوار من مستجدات بحيث هناك انهماك عملي في الحوار يتخذ طابعًا مجاملي كأن الحوار هو نوع من الدبلوماسية فقط وليس له أسس فلسفية أو فكرية، وأود في هذه الجلسة أن أسلط الضوء على الجوانب الفكرية التي تنمي الحوار، أو التي تجعل الحوار يتخذ وجهة نافعة وذات جدوى”. مضيفًا: “في اعتقادي أن متابعة هذه المسألة في الثقافة العربية اجمالًا ضعيفة، فالحوار عندنا معناه أن يتقابل شخصان أو جهتان للتعبير عن وجهات نظر الطرفين، وللتفاوض والوصول إلى ما نسميه تسويات، فهذا هو التعريف  المعروف عندنا للحوار”.

وتطرق مدير كرسي اليونسكو أيضًا إلى المستجدات الفكرية في الحوار، معتبرًا: “أن المستجدات الفكرية في مسائل الحوار لا تصادق فقط على هذا المعنى للحوار لحل أزمة أو مشكلة، لأن هذه الحلول المستهدية بهذا المفهوم للحوار هي مؤقتة، فإذا نجحنا “أنا وأنت” إلى الإقتراب من بعضنا والتفاهم مع بعضنا للوصول إلى تسوية قد تكون مؤقتة وإيجابية لكنها سرعان ما تنفجر لاحقًا، وحتى إن كان بعد قرنٍ من زمن”. مضيفًا: “وبالتالي فإن مشكلاتنا لا تحل سجلًا نهائيًا، بل ترتب قليلًا بفعل ما، أي بفعلٍ حواري تفاوضي لكن مؤقت، ولم نستطع في هذا المفهوم للحوار أن نؤسس مفهومًا يدين التسوية التي نصل إليها، وهكذا منطقتنا في أزمات متلاحقة”.

وتابع الدكتور حسن ناظم: “وفقًا لمتابعي مسائل تطور مفهوم الحوار، فإن الحوار هو تبادل ليس لوجهات النظر بل للموقع الذي نتخذه، فإن كنت أتبنى موقف (أ) ومحاوري ينبني موقف (ب)، فهذا التقابل سيتبدل بمفهوم جديد للحوار هو الإنتقال إلى موقع الآخر وأكون فيه، محاولًا التفهم لوجهة نظر الآخر”.

إذن، فالحوار في المفهوم الجديد هو تبادل المواقع، فأضع أنا نفسي أي موقع (أ) في موقع (ب) أي أن أسكن في موقع العدو أو الموقع المخالف.

وتابع مدير كرسي اليونسكو: ” هذا المفهوم في الحوار، هو مفهوم غير معروف، وغير متقبل، لا بل يُنظر له على أنه غير مستحيل ولم يعمل به أحد والتجارب تثبت ذلك لا سيما في العراق، فهذا غير ممكن ومستحيل ولم يعمل به أحد لا سيما إن تبادلت المواقع ما بين من هو سني وشيعي، فلا يكون هناك رغبة في التفاوض أو الحوار بل في الحقيقة إن ذلك يقضي رغبة في الإعتراف بالآخر، وشدد ناظم على أن هذا المفهوم يجب أن ينمو، ومؤسسات الحوار أيضًا.

النقطة الثانية: مفهوم الحوار عما تطرحه الفلسفة العالمية هذه الأيام

تبادل المواقع بيني وبين المحاور الآخر حين أضع نفسي في ذلك الكرسي يستجيبه فهذا هو الأصعب والمؤلم والموجع اذ اعيد التفكير في ثوابتي أنا أعطي مثلًا دائمًا سني شيعي، كما في العراق يعتبرون أننا نعاني من هذه المشكلة إلى حد لا يضاهيه في العنف  الذي بلغناه إلى التجربة اللبنانية ولذلك الشيعي الذي يضع موقعه في موقع السني ويفكر العكس صحيح عليه أن يعيد التفكير في هويته. وأضاف ” أنا أعرف الفرنسيين والأميركيين قدموا وجهات نظر في الحوار الآن إنطلاقاً  من بيئتهم فهم ينقدون هذا المفهوم نفسه الذي أطرحه الآن الذي نحن لم نبلغه ولم نعرفه إلى الآن فلا نريد أن نسارع بطرق الإقصاء وغيره.”

” هذه النقطة في غاية الصعوبة وهي ليست مهمة الحوار فقط وإنما مهمة الأشخاص الذين  يقومون بذلك لمعنى من تنتدب لمثل هذه المهمة من بإمكانه الآن أن يكون شيعيًا وسنيًا في آن وينظر إلى المسائل، وآلية تحقيق هذا المفهوم  “إعادة التفكير بالهوية ” فهو مسّ بالمعتقدات وبالثوابت لكنه في الواقع أمر محتوم نظرة كليّة لكل الآراء والمذاهب والفلسفات عبر التاريخ تجدها تترك رغمًا عنا الحركة هي الثابت الوحيد، المذهب الشيعي نفسه الآن هو غيره في مرحلة التأسيس الأولى، بل المذهب الشيعي الذي نشأ في قم هو غيره الذي تطور في بغداد بحقبة 100 عام ما بين حقبة الصفار (في قم) الذي هو الأساسي وحقبة الكليني (في بغداد).”

” وهكذا مجددون الشيعة الكبار في الحلة والنجف مارسوا نوعاً من النقد الذي أتى للمذهب الشيعي فحركوه بوصفات عظيمة الى التطور.”

وقال:” تحمل المسؤولية في مسائل تدرج الحوار نوع من المسؤولية تحمله المؤسسات والأفراد المثقفون في الحقبات المأزومة فالمؤسسات التي تخوض الحوار والأشخاص إذا كانوا مؤمنين بهذا المفهوم من الحوار ليس بالواسطات بالمجاملة وتقريب وجهات النظر إذًا هذه المؤتمرات الذي تعقد وفشلت بهذا المفهوم أن تذهب إلى مؤتمر للحوار لا تقصد التقريب بين وجهتي النظر بل تقصد بإتخاذ موقع الآخر هذا العدو وهذا المختلف معك، وترى بعيونه ما الذي يراه، مثال على ذلك: “عندما كنت أجلس في بغداد مع السُنة ومعي السيد جواد الخوئي ونخبة من رجال الدين والأكاديميين أعتقد أننا نفكر بهذا المفهوم للحوار فأضع نفسي أمام هذا المتشنج السني وأقابل في مقام أبي حنيفة وأنظر إلى الأحداث ما الذي حدث للسُنة في العراق أنا حين ذاك أتفهم ما يجري وأستطيع أن أساهم في ايقاف العنف بكل أشكاله لأن هذا الإقتراب الذي تحقق لا على أساس أنني أتنازل عن شيء وأنت تتنازل عن شيء وتمشي الأمور لا على أساس أنني فعلًا مؤمن بالموقع التي تجلس وتنظر فيه إلى الأحداث والأذى الذي لحقك والضرر لا أتفهمه فقط أراه يتوجه إليّ الآن وأنا أجلس في مقامك، فإذا كان هناك سهم متجه نحوك وأنا أجلس في مقامك أراه يتجه سيؤذيني هذا منطق الحوار.”

عن marwa

%d مدونون معجبون بهذه: